الفيل
الفيل أضخم الحيوانات التي تعيش على الأرض وثاني أطول أفراد المملكة الحيوانية بعد الزرافة. ولا يفوقه
ضخامة إلا بعض أنواع الحيتان. والفيلة هي الحيوانات
الوحيدة التي لها أنف على هيئة خرطوم تستخدمه كأحد الأطراف.
كما تستخدم الفيلة خراطيمها لسحب أوراق وفروع وأغصان
الأشجار، ولامتصاص الماء الذي توصله فيما بعد إلى الفم.
ولها أيضا حاسة شم حادة، حيث تستخدم خراطيمها
عادة لفحص الهواء. وللفيلة آذان أكبر من
آذان أي حيوان آخر،
ولها أنياب في هيئة أسنان ضخمة.
وهناك نوعان رئيسيان من الفيلة: الفيلة الإفريقية والفيلة
الهندية التي تُعرف أيضًا بالفيلة الآسيوية. تعيش الأفيال
الإفريقية في إفريقيا جنوبي الصحراء، بينما تعيش الأفيال
الهندية في أجزاء من الهــند وفي جنوب شرقي آسيا.
والفيلة حيوانات قوية للغاية شديدة الذكاء.
وقد قام الإنسان بتدجينها وتدريبها منذ آلاف السنين،
وتم استخدامها في نقل الحمولات الثقيلة في بعض
الأقطار الآسيوية .
ويستطيع الفيل رفع جذع شجرة وتحريكه ببطء
باستخدام أنيابه وخرطومه. وقد يصعب سحب مثل ذلك
الجذع على مركبة تسير بعجلات.
ومن أقدم استخدامات الفيلة التي عُرفت سابقا
استخدامها في الحروب.
فقد هزم الجيش المقدوني الذي قاده الإسكندر الأكبر
عام 331ق.م جنود الفرس الذين امتطوا الفيلة في المعركة.
كما استخدم القائد المشهور هانيبال قرطاجة عام 218ق.م الفيلة
من أجل اجتياز جبال الألب في فرنسا لغزو إيطاليا.
كما استخدمه جيش أبرهة الأشرم لهدم الكعبة نحو
سنة 570م. وقد وردت قصته في
القرآن الكريم في سورة الفيل.
وخلال القرن التاسع عشر لمع اسم فيل إفريقي سُمي جامبو
وأصبح من المشاهير. وقد عُرض هذا الفيل في حديقة الحيوان
بلندن لأكثر من 17 سنة. وجاء الزوار إلى لندن من جميع أنحاء
العالم لمشاهدة أضخم حيوان وقع في الأسر في ذلك الوقت.
فقد بلغ طوله 3,4م ووزنه أكثر من 6,5 طن متري.
وقد اشتراه عام 1882م رجل الاستعراضات الأمريكي بي.
تي بارنوم وجعل منه نجما جذابا في السيرك. ومنذ ذلك الوقت
أصبح لفظ جامبو يُطْلَق على أي شي غاية في الضخامة.
ويسافر بعض الناس إلى إفريقيا وبعض مناطق آسيا
لمشاهدة الفيلة في بيئاتها البرية الخاصة.
ولكن عدد الفيلة يتناقص بشكل مستمر؛ حيث يقتلها الناس
للحصول على أنيابها العاجية. كذلك استوطن الناس في
كثير من الأراضي التي كانت تعيش بها هذه الحيوانات مما
أدى إلى اختفاء البيئات الطبيعية للفيلة، وهدد النشاط الزراعي
والصناعي المصادر الطبيعية التي تحتاجها الفيلة في حياتها.
فقد كان نمو عدد سكان آسيا على حساب عدد الفيلة، حيث
انخفض عددها إلى أقل من 40 ألفا.
ويعود السبب الرئيسي لانخفاض عدد الفيلة في إفريقيا
إلى الصيد الجائر. فبينما قُدِّر عدد الفيلة الإفريقية
عام 1979م بحوالي مليون وثلاثمائة ألف، انخفض ذلك
العدد إلى حوالي 600 ألف فيل مع بداية التسعينيات
من القرن العشرين. وإذا استمر أمر انخفاض عدد الفيلة
على ماهو عليه فقد تنقرض هذه الحيوانات من البرية مع
إطلالة القرن الحادي والعشرين الميلادي.
لقد تم القيام بحملة قوية على مستوى العالم في نهاية
الثمانينيات من القرن العشرين من أجل وضع الناس على
مستوى المسؤولية والإدراك بأن آلاف الفيلة كانت تذبح
كل سنة للحصول على الحلي العاجية والنقوش.
وكانت اليابان تُعدُّ بمثابة المستهلك الرئيسي للعاج لاستخدامه
في صنع أختام التوقيع، أي الأختام
التقليدية لطبع الأسماء بالحبر.
وقُدِّر بأنه كان يقتل كل عام حوالي 12 ألف فيل من أجل
الحصول على العاج الذي يلزم لصناعة هذه الأختام
أهمية الفيلة
تقوم الفيلة بوظائف طبيعية مهمة؛ فهي تساعد مثلا في تحويل المناطق الشجرية إلى
مناطق مكشوفة بسبب تغذيتها بالأشجار وغيرها من النباتات.
ويفضل كثير من الحيوانات العيش في البيئات المكشوفة.
كذلك تقوم الفيلة بحفر مجرى النهر الجاف حتى تصل إلى
الماء تحت السطح، وهذا يوفر ماء الشرب للحيوانات الأخرى.
وأثناء تنقُّل الفيلة خلال المناطق الشجرية تعمل على تشكيل
ممرات تستخدمها الحيوانات الأخرى، مثل
وحيد القرن والحمارالوحشي.
أنواع الفيلة
الفيلة الإفريقية.
أضخم من الفيلة الهندية،
وتوجد في البرية فقط جنوبي الصحراء الإفريقية.
ويتساوى ارتفاع الكتفين مع ارتفاع الردف في الفيل الإفريقي،
بينما ينحدر ظهره قليلا عند وسطه. ويرتفع الفيل الإفريقي الذكر
عن الأرض 3,5 متر عند الكتفين، ويزن حوالي 5,500كجم.
ويبلغ طول أنثى الفيل المكتملة النمو حـــوالي 2,8 متر،
وتزن 3,500كجم. وكان طول أضخم فيل إفريقي ذكر 4,01 متر
وبلغ وزنه 11,000كجم، بينما كان أكبر وزن للفيل فوق
6,500كجم. ولمعظم الفيلة الإفريقية جلد رمادي داكن.
ويشكل مقدم الرأس منحنى خفيفًا، بينما تغطي الأذنان
اللتان يصل عرض الواحدة منهما 1,2 مترًا الكتفين.
ولكل من الذكور والإناث أنياب يصل نموها في الفــيل
الإفريقي الذكر من 1,8 إلى 2,4 متر وتزن
الواحدة 23 - 45كجم، بينما تزن ناب معظم الإناث 7 - 9كجم.
وقد سُجِّل أطول ناب للفيل الإفريقي بطول 3,5 متر ووصل
أثقلها وزنا إلى 133كجم.
ولخرطوم الفيل الإفريقي نتوءان من اللحم يشبه الواحد
منهما طرف الأصبع. كما أن لجلد الخرطوم تجعدات عميقة.
وللفيل الإفريقي أربع أو خمس أصابع على كل قدم أمامية،
وثلاث أصابع على كل قدم خلفية. وتربط ثنية جلدية مترهلة
الأرجل الخلفية مع جوانب الجسم. ولا توجد هذه الثنية في
الفيل الهندي. ويوجد نوعان من الفيلة الإفريقية: فيلة الأدغال
وفيلة الغابة. تعيش فيلة الأدغال في معظم أقطار جنوبي
الصحراء الإفريقية. وهي ضخمة وأنيابها ثقيلة.
وتعيش فيلة الغابة الإفريقية في الكاميرون، والكونغو،
وساحل العاج، والكونغو الديمقراطية (زائير) ودول أخرى
في وسط وغربي إفريقيا. ويقطن كلا النوعين من الفيلة
الإفريقية الغابات والسهول العشبية والجبال والمستنقعات
والمناطق الشجرية.
الفيلة الهندية.
توجد فقط في جنوب وجنوب شرقي آسيا.
وتعيش في غابات وأدغال بعــض الدول مثل بورما،
وكمبوديا، والصــين، والهند، وإندونيسيا، وماليزيا،
وسريلانكا وتايلاند، وفيتنام.
وظهر الفيلة الهندية محدب بعض الشيء، وهو أعلى قليلاً
من الكتف والردف. ويترواح ارتفـــاع الفيل الهندي الذكر
عند الكتفين من 2,7 - 3,2 متر. ويزن حوالي 3,600كجم.
وقد بلغ طول أضخم فيل هندي 3,3 متر، بينما يصل ارتفاع
أنثى الفيل الهندي حوالي 2,5 متر وتزن حوالي 3,000كجم.
ولمعظم الفيلة الهندية جلد رمادي شاحب اللون، وربما
تخللته بقع وردية أو بيضاء. وللفيل الهندي سنامان عند مقدم
الرأس وفوق الآذان مباشرة. وآذان الفيل الهندي نصف حجم
آذان الفيل الإفريقي ولا تغطي الكتفين. ولمعظم الفيلة الهندية
الذكور أنياب تنمو حتى 1 - 1,5 متر. إلا أن بعض الفيلة
الهندية الذكور وتسمى مكواشز بدون أنـــياب، كما أن معظم
الإناث بدونها إلا أن لبعض الإناث أنيابا قصيرة للــغاية.
جلد خرطوم الفيل الهندي أكثر نعومة من جلد خرطوم
الفيل الإفريقي، ويوجد نتوء لحمي واحد عند طرفه على
هيئة أصبع. ولمعظم الفيلة الهندية خمس أصابع في
كل قدم أمامية وأربع في كل قدم خلفية.
جسم الفيل
يساوي ارتفاع الفيل الكامل النمو تقريبا طول ظهره من
الرأس حتى الذيل. وعندما يتحدث العلماء عن الطول الكلي
للفيل فإن بعضهم يدخل الخرطوم ضمن طول الفيل وبعضهم الآخر
قد لا يضيف طول الخرطوم إليه. وللفيل رقبة عضلية قصيرة
ورأس ضخم وآذان كبيرة مثلثة الشكل. والخرطوم امتداد للفك
العلوي، وقد ينمو الناب من أحد طرفي الفك
عند قاعدة الخرطوم.
وتساعد كتلة الأرجل الضخمة الفيل على حمل جسمه
ويبلغ طول الذيل حوالي المتر، وربما كان قصيرا
مقارنة مع بقية أجزاء جسمه.
الجلد والشعر. للفــيلة جلد رمـــادي اللون سميك وطري
يتدلى أحيانا على هيئة ثنيات مترهلة. ويصل سمك جلد الفيل
المكتمل النمو حوالي 3سم، ويزن حوالي 900كجم.
وتستطيع بعض الحــشرات بما فيها الذباب عضه.
ولا يحتوي جلد الفيل على غدد عرقية، ومن ثم عليه أن
يبرِّد جسمه بوسائل أخرى. فقد يتخلص من حرارة جسمه
عن طريق إرخاء أذنيه الضخمتين أو برش الماء على جسمه.
كما تبقى أجسام الفيلة باردة بعد أن تتمرغ في الوحل،
حيث يجف هذا الوحل على الجلد،
ومن ثم يحجز أشعة الشمس.
يغطي جسم الفيلة عند الولادة شعر متناثر ذو لون بني
أو أسود أو بني يميل إلى الحمرة، ثم يختفي تدريجيا
عندما تكبر. والفيل المكتمل النمو عديم الشعر
تقريبا ما عدا زغبات حول الأذنين والعينين والفم
،كما توجد حزمة كثيفة من الشعر عند نهاية الذيل.
الخرطوم. يتكون خرطوم الفيل من كتلة لحيمة قوية تخلو
من العظام، ويتألف من أنف وشفة عليا. ويبلغ طول
خرطوم الفيل المكتمل النمو حوالي 1,5 متر ويزن 140كجم.
يشم الفيل ويتنفس بوساطة خرطومه،
كما يستخدمه في الأكل والشرب. ويرشف به الماء ويرشه
فوق جسمه للاستحمام. ويستطيع الفيل المكتمل النمو
أن يسحب بخرطومه حوالي 6 لترات من الماء.
يمسك الفيل الأشياء بخرطومه بالطريقة نفسها تقريبا
التي يستخدم الإنسان بها يده. ويمكن للخرطوم أن يحمل
وزنًا يصل حتى 270كجم، كما يستطيع الفيل أن يلتقط
بخرطومه أشياء صغيرة كقطعة عملة مثلا.
كذلك يستخدم الفيل خرطومه وسيلة اتصال مع الفيلة الأخرى.
وعندما يُحيِّي فيلان أحدهما الآخر فان كلاً منهما يضع
طرف خرطومه في فم الآخر.
وتمسح الأم صغارها بخرطومها لتسليتها.
ويلعب صغار الذكور لعبة المصارعة بوساطة الخراطيم،
كما يحمي الفيل خرطومه أثناء الشجار الحقيقي بلفه تحت ذقنه.
الأنياب والأسنان.
أنياب الفيل طويلة، وتسمى أسنانها العلوية المعقوفة
القواطع وهي من مادة العاج. ويمتد ثلثا كل ناب خارج
الفك العلوي، والجزء المتبقي يظل داخل الجمجمة.
وتستخدم الفيلة أنيابها في الحفر بحثا عن الغذاء
وكذلك في القتال. ويمكن للأنياب أن تحمل وترفع
ثقلا يزن حوالي طن متري واحد.
يملك الفيل حديث الولادة أنيابًا لبنية لا يزيد الواحد
منها على 5 سنتميترات. وتسقط هذه الأنياب عندما يبلغ
عمر الفيل سنتين حيث تحل محلها أنياب
دائمة طوال حياة الحيوان.
وللفيلة أيضا أربعة أضراس (أسنان خلفية) ويصل
طول الأضراس في الفيل المكتمل النمو إلى 30سم، وتزن 4كجم.
ولهذه الأسنان أطراف مسننة تساعد على طحن الغذاء.
ويوجد ضرس واحد على كل جهة من الفكين، بينما
توجد بقية الأضراس خلف الفم. وتبلى الأضراس الأمامية
بالتدريج، ثم تسقط، مما يؤدي إلى اندفاع الأضراس
الخلفية لتأخذ مكانها. وتنمو للفيل ست مجموعات من
الأضراس خلال مراحل حياته. وتتكون كل مجموعة من
أربع أسنان. وتظهر المجموعة الأخيرة عندما يبلغ
الحيوان حوالي 40 سنة.
الأرجل والأقدام.
أرجل الفيل تشبه شكل الأعمدة، أما أقدامه فهي دائرية.
ولكل قدم وسادة لحيمة. وتتمدد القدم تحت تأثير وزن الفيل
لكنها تنكمش عندما يرفعها. وقد يغوص الفيل
عميقا بالوحل إلا أنه يتمكن من سحب رجله بسهولة
لأن الأقدام تصبح أصغر عند رفعها.
الحواس.
يوفر الخرطوم حاسة شم فريدة، يعتمد الفيل عليها أكثر
من الحواس الأخرى. وتقوم الفيلة من وقت لآخر برفع
خراطيمها عاليا في الهواء، لالتقاط رائحة غذاء
أو عدو على بعد 1,5كم.
وتتمتع الفيلة بحاسة سمع جيدة، وتلتقط آذانها
الضخمة أصوات الحيوانات الأخــرى علــى مســافة
تزيد على 3كم. وتنتصب أذنا الفيل إذا ما أثاره صوت ما.
وتوجد حاسة اللمس في الطرف الحساس لخرطوم الفيل.
ويستــطيع الفيــل تحــديد شكــل الأشيــاء إذا كانت
ملساء أو خشنة، ساخنة أم باردة.
ونظر الفيلة ضعيف، وهي مصابة بعمى الألوان،
وعيونها صغيرة نسبة إلى حجم الرأس الضخم.
ولايستطيع الفيل أن يدير رأسه بشكل كامل؛
لذلك فهو يرى الأشياء التي تقع أمامه وعلى جانبيه،
وعليه أن يدور بشكل كامل حتى يرى ما خلفه.
الذكاء. للفيل دماغ كبير، ويتمتع بدرجة ذكاء
عالية بين الحيوانات. وحياة الفيلة في البرية معقدة تشتمل
على تعلم واكتساب كثير من الخبرات الاجتماعية. ويستطيع
الفيل وفق ما أثبتته الدراسات إصدار 25 نداء مختلفًا على
الأقل، ولكل منها معنى خاص به. كما تتمتع الفيلة بذاكرة
ممتازة تستخدمها أثناء نشاطها الاجتماعي وأثناء
تنقلها عبر المساحات الشاسعة. ويبدو أن كبيرة
العائلة (الأم القائدة) هي المسؤولة عن حفظ المعلومات
التي يحتاج إليها أفراد العائلة. فهي تعرف طرق التنقل
وأماكن الثمار والأشجار وأين تجد الماء في ظروف الجفاف
وغير ذلك من المعلومات الضرورية للحياة. وتنقل كبيرة
العائلة هذه المعلومات إلى صغار إناثها التي ستتولى
إحداها المسؤولية في المستقبل.
ويمكن تدريـــب الفيل على تعلم الكثير من المهام والحيل.
وتختلف وسائل تدريبه، وبعضها وحشية تشتمل على ضربه
بأدوات حادة لكسر إرادته. وقد حقق بعض المدربين نتائج
جيدة باستخدام أساليب أكثر لينًا. وتتعلم الفيلة بشكل
سريع، وقد يستطــيع الفيل حسن التدريب
معرفة 40 صوتا آمرًا.
حياة الفيل
أسرة الفيلة. تعيش الذكور والإناث منفصلة معظم وقتها،
بينما تعيش الإناث وصغارها التي تسمى العجول في
وحدات أسرية مجتمعة بمعدل 10 أعضاء في كل وحدة.
وتتكون العائلة الواحدة من ثلاث إلى أربع إناث مكتملة
النمو ومن صغارها التي تتراوح بين الصغار حديثة الولادة
والعجول التي تبلغ أعمارها 12 سنة. وتقود الأنثى الأكبر سنا
العائلة وتبقى بمثابة كبيرة العائلة، بينما تترك الفيلة الذكور
العائلة عند اكتمال النمو وتبقى على علاقات ضعيفة
مع ذكور العائلة الأخرى، وقد تزور العائلة من حين لآخر.
وتتكون عشيرة الفيلة في منطقة ما من أفراد العائلات
والذكور المستقلة التي تشترك معها في الحياة بالمنطقة نفسها.
ويتراوح عدد أفراد المجموعة بين عدة مئات
وعدة آلاف تعيش معا فوق رقعة من الأرض بحثا عن الغذاء.
وتنتقل الفيلة إلى مسافات بعيدة بحثا عن الغذاء في المناطق
الجافة شبه الصحراوية.
وتحصر عشيرة الفيلة نفسها في مساحة صغيرة في الأماكن
المطــيرة كثيــفة النبــــاتات،
والتي تصل مســاحتها حتى 250كم².
وتأكل الفيلة البرية لمدة 16 ساعة يوميا، وتستحم في
مياه البحيرات والأنهار، وتتمرغ في المياه الموحلة.
وبعد الحمام الموحل ربما تغطيها الأوساخ التي تعمل على حماية
جلدها من الشمس والحشرات. وتتصل الفيلة بعضها ببعض
بطرق مختلفة، تشتمل على التصــنُّع بالوقوف
والحركة والإيحاء والروائح والأصوات الخاصة.
وتصدر الفيلة كثيرًا من الأصوات المقعقعة ولكل
منها معنى مختلف. فعندما يُصدر فيل صغير صوتًا مبحوحًا
على سبيل المثال، أو قعقعة عالية بسبب الخوف، تقوم الأم
بإصدار طنين منخفض تهدئ من روعه وتطمئنه.
وتشتمل الأصوات الأخرى التي تصدرها الفيلة
كوسيلة اتصال، على الزعيق والزمجرة
والهدير والأنين والصرير.
الغذاء.
تأكل الفيلة الأعشاب والنباتات المائية،
وكذلك أوراق الأشجار والشجيرات وجذورها وقلفها
وأغصانها وثمارها. كما تهوى أكل الأوراق في أعالي الأشجار؛
لذلك تستخدم رؤوسها لقلع الأشجار الصغيرة حتى تحصل
على أوراقها المرتفعة. ويستطيع الفيل اقتلاع شجرة يبلغ
ارتفاعها 9 أمتار وقطرها حوالي 60سم.
وتمزق الفيلة قلف الأشجار بأنيابها الحادة وكذلك تحفر
بها بحثا عن الجذور وتقتلع بها الشجيرات. وتهوى الفيلة
بشكل خاص الخيزران والثمر اللبي وجوز الهند والتــمور
والذرة الشامية والخوخ وقصب السكر. ولاتأكل الفيلة لحوم
الحيوانات الأخرى.
ويأكل الفيل البري المكتمل النمو الضخم حوالي 140كجم
من النباتات يوميا، بينما يأكل نصف هذه الكمية في
حدائق الحيوان أو السيرك؛ لأن غذاءه فيها يكون أكثر فائدة.
وتشرب الفيلة البرية حوالي 150 لترا من الماء يوميا،
ولكن يمكنها تحمل العطش حتى ثلاثة أيام،
وقد تمشي مسافة 80كم بحثا عن الماء.
التنقل.
تساعد قدم الفيل الضخمة على السير والركض،
ولكن بقليل من الضجيج. وتمشي الفيلة عادة بسرعة
تتراوح بين 5 و10كم في الساعة، كما يمكنها المشي
لمسافات طويلة. ويمشي أفراد العائلة عند القيام برحلة طويلة
بسرعة 16كم/الساعة. ويستطيع الفيل أن يركض عند
الخوف أو الغضب بسرعة أكثر من 40كم / الساعة
ولكن لمسافة قصيرة. ويمشي الفيل ويركض بخطوات
متفاوتة، ولا يستطيع القفز بسبب وزنه وتركيب أرجله.
وتتمرغ الفيلة عادة بالوحل، وتسبح على الأقل مرة
واحدة في اليوم حيث تجيد السباحة. كما ُعرف عنها
مقدرتها على السباحة إلى الجزر في البحيرات
وشواطىء البحار. وتقوم الفيلة أثناء السباحة
بتعويم خراطيمها فوق سطح الماء.
التكاثر.
تصبح ذكور الفيلة مكتملة النمو عندما يصل
عمرها ما بين 10 - 14 سنة، ولكن معظــمها لا يتزاوج
إلا بعد سن الثلاثين. وأحد أسباب ذلك أن الإناث لا ترغب
في التزاوج مع الذكور الصغيرة ، إضافة إلى أن الذكور
الكبيرة تقوم بمطاردة الذكور الصغيرة التي في العشرينيات
من عمرها وتمنعها من التزاوج. وتبقى الإناث بعد اكتمال
نموها مع العائلة، وتبدأ التـــزاوج بعد سن 12 سنة،
وربما أصبحت أمًًا وهي في عمر يتراوح بين 13 و14 سنة.
وتحمل الأنثى جنينها لمدة 22 شهرًا وتضع مولودا
واحدا عادة، وقد تضع توائم أحيانًا. ويتراوح وزن صغير
الفيل الإفريقي عند الولادة بين 115 و145كجم ويرتفع
حــوالي 95سم عند الكتفين. ويزن صغير الفيل الهندي
حديث الولادة حوالي 100كجم ويبلغ ارتفاعه 85سم.
ويستطيع وليد الفيل المشي بعد ساعة من ولادته.
وتبقى الأم بجانب صغيرها تحميه لعدة سنوات.
ويعتمد الصغير في البداية وبشكل أساسي على لبن أمه.
ويرفع خرطومه فوق رأسه أثناء رضاعته حتى يمكنه الوصول
إلى ثدي الأم. وعندما يبلغ الصغير بين 3 و4 أشهر يبدأ
الاعتماد في غذائه على الأعشاب والنباتات الأخرى.
وتبقى الذكور مع أمهاتها حتى عمر 14 سنة تقريبا.
وتنمو أجسام الفيلة طوال حياتها، لذلك تصبح أكثر
ضخامة مع مرور الزمن. ويبلغ حجم الذكر المكتمل
النمو في عمر الأربعينيات ضعف حجم الأنثى في العمر نفسه.
الهيجان.
للفيل غدة صدغية على كل جانب من رأسه في منتصف
المسافة بين العين والأذن. وتنتفخ هذه الغدة مرة كل
سنة تقريبا وتخرج منها رائحة قوية.
وتصبغ هذه الإفرازات وجــه الفــيل. تنشــط هذه
الغــدة لمدة شــهرين أو ثلاثة أشهر في السنة،
وهي الفترة التي يكون فيها الفيل في حالة هيجان.
ويحدث الهيجان عند الفيلة بعد عمر 25 سنة.
في الأسر تكون الفيلة في غاية الخطورة خلال فترة
الهيجان إذا ماتم استفزازها، وتهاجم كل ما يقترب منها من
الحيوانات وحتى الإنسان والفيلة الأخرى. لذا فإنها يجب
أن تقُيد أو تُوضع في حظائر مسيَّجة خلال هذه الفترة.
بدأ علماء الحيوان حديثا فهم دور الهيجان.
يحدث الهيجان عندما يرتفع تركيز هورمون الذكورة
التستوستيرون أكثر من معدله الطبيعي. ويعطي الهيجان
لبعض الذكور أفضلية على الذكور الأخرى التي ليس لديها هذه
الخاصية؛ لأن الذكور الهائجة تكون أكثر عدائية ولها
القدرة على حماية الأنثى، الأمر الذي يجعلها
مرغوبة لدى الإناث. وتتزاوج أنثى الفيل مع الذكر
خلال فترة هيجانه، وتكون الإناث جاهزة للتزاوج
خلال فترة الإثارة الجنســية المعروفة بالدورة النزوية،
والتي تستمر أربعة أيام.
الحماية من الأعداء.
يساعد الحجم الضخم للفيلة، إضافة إلى سُمك جلدها،
على حمايتها من معظم الحيوانات. وتعتبر الأسُود والتماسيح
والثعابين والإنسان من أهم أعداء الفيلة.
ونادرا ما تتعرض الفيلة المكتملة النمو للأعداء ولكن
صغارها أكثر عرضة لذلك. وتقوم النمور الرقطاء والببرات
أحيانا بقتل الصغار، وعندما يواجه قطيع الفيلة خطرًا ما تقوم
الفـــيلة المكتملة النمو منها بتكوين حلقة دائرية حول صغارها.
وتقوم الفيلة أيضا بإرهاب أعدائها عن طريق نصب آذانها
وشد جسمها كأنها ترتعش. وإذا ما حاول حيوان مهاجمة فيل
فإنه يقوم بالدفاع عن نفسه بنجاح، حيث يبرك عليه ويهرسه
حتى الموت. وقد تستخدم الفيلة أنيابها في حالة الهجوم
على أعدائها. ومن السهل أن يدب الخوف في صفوف
الفيلة. فأي صوت غريب كصوت بندقية يكفي لإثارة الذعر
بكامل القطيع. وربما تهجم الفيلة على مصدر الصوت
أو تفر بعيدا عنه. وإذا ما أفزع الفيل أو استفز فإنه يقوم
بنصب أذنيه مما يجعله يبدو خطيرًا. وأثناء الهجوم،
تهاجم الفيلة أعداءها بوساطة أنيابها وخراطيمها،
كما تسحق عدوها عن طريق البرك عليه،
وقد تستخدم خراطيمها لإصدار صوت بكاء حاد يُعرف بالتبويق.
فترة الحياة.
تعيش الفيلة البرية حتى عمر 60 سنة، بينما تعيش تلك
التي بالأسر إلى أكثر من 65 سنة. ويموت كثير من الفيلة
بعد أن تســقط أسنانها؛ لأنها تصبح غير قادرة على
مضغ الطعام. ويعتقد بعض الناس أن الفيلة تذهب إلى
مكان خاص لتموت به يطلق عليه مقابر الفيلة. وقد نشأ ذلك
الاعتقاد، لأن الفيلة تميل للعيش بالمناطق الشجرية
والأماكن التي تحتوي على نباتات طرية سهلة الهضم.
وعندما تموت الفيلة يتعفن جسمها وتبقى منها الأنياب.
وعندما يعثر الناس على العاج يعتقدون أنهم اكتشفوا
مقبرة للفيلة. كذلك يعثر الناس على بقايا الفيلة في
الأماكن الشجرية التي تنشب بها الحرائق أحيانًا بفعل
الصيادين، وتؤدي إلى هلاك عدد كبير من الفيلة.
حماية الفيلة
الفيلة الكائنات الوحيدة من رتبة الخرطوميات التي
مازالت على قيد الحياة. وكانت هذه المجموعة تشمل
في وقت من الأوقات أكثر من 350 نوعا تمتلك خراطيم
طويلة. وقد عاشت أقدم الخرطوميات المعروفة في إفريقيا
وآسيا قبل حوالي 50 مليون سنة. وشملت الخرطوميات
الأخرى الماموث والمستودون، ويشبه كل من هذين النوعين
الفيل إلى حد كبير.
يجمع خبراء الحياة البرية في الوقت الحاضر على
أن الفيلة تتعرض لخطر كبير، وأنه لا بد من حمايتها،
حتى تستطيع البقاء على قيد الحياة. وقد قام الإنسان
بتدمير كثير من البيئات الطبيعية للفيلة عن طريق
استخدامها للاستيطان والزراعة.
وقام العديد من شعوب إفريقيا وآسيا بتخصيص أراض
ٍ لحماية بيئات الفيلة والحيوانات البرية الأخرى.
وتقع هذه الأراضي في المتنزهات الوطنية وفي مناطق
تعرف بالمحميات. ويخشى كثير من خبراء حياة الحيوانات
الوحشية أن مساحة الأراضي المخصصة لذلك قد تكون
غير كافية لحماية كثير من الفيلة البرية.
ويشكل الصيادون ـ خاصة أولئك الذين يبحثون عن
العاج ـ خطراً على حياة الفيلة البرية. وتحظر القوانين
اصطياد الفيلة في المحميَّات والمتنزهات الوطنية، وكذلك
تحدد العدد المسموح به للصيد. وفي الحقيقة يصعب تطبيق
مثل هذه القوانين، لذا يُقتل الآلاف من هذه الفيلة
سنويا بشكل غير قانوني.
وقد انخفض عدد الفيلة في إفريقيا بشكل كبير خلال
السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين. تكاتفت
مجموعات حماية الحياة البرية لوقف هذا الانخفاض.
وفي عام 1989م فرضت هيئة حماية التجارة الدولية
للأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات حظرًَا
كاملاً على تجارة العاج. وتتبع هذه الهيئة في إدارتها الأمم
المتحدة. وفي كل الأحوال فإنه يصعب السيطرة على تجارة
العاج ما دام الناس يقومون بشراء منتجاتها.
وبحلول التسعينيات من القرن العشرين،
كان للهند 18 ألف فيل، وقد بدأت السلطات الهندية
منذ عام 1991م مشروعًا ضخمًا لحماية
الفيل الآسيوي من الانقراض